ثقافية

قصة طبيب الغلابة المصري الذي آثر مساندة الفقراء فكانت له أجور مدفوعة في مصرف السماء.. ما لا تعرفه عن محمد المشالي

قصة طبيب الغلابة المصري الذي آثر مساندة الفقراء فكانت له أجور مدفوعة في مصرف السماء.. ما لا تعرفه عن محمد المشالي

بعد شهرين من وداعه للحياة، عادت عيادة “طبيب الغلابة” إلى العمل، بعدما أوصدت أبوابها التي ظلت مشرعة أمام الفقراء والمرضى لأكثر من خمسين سنة.

ولم يرد الطبيب المتقاعد الدكتور حسني سعد قطب لتلك العيادة أن تغلق أبوابها، بعد أن ظلت لعقود أمل الفقير المصري.

ويأتي إليها مريضاً فيخرج بالشفاء والعلاج دون أن يتكلف إلا بعض جنيهات قليلة لمن استطاع، وأغلب من يأتون إليها لا يدفعون أي فلس أصلاً.

وليس ذلك فحسب بل حتى يخرجون من العيادة بالكشف والدواء المجاني، فعيادة محمد المشالي ستستمر، وستواصل عملها كما كانت، وبهذا تعهد خليفته الجديد.

جاء ذلك بعد أن نسق مع أسرة الراحل في شأن تولي العيادة، وفتحها أمام المرضى الفقراء الذين لن يجدوا أرحم بهم من قلب طبيب لا يريد للثراء سبيلا.

أما محمد المشالي الذي عاش 76 عاماً، عاش عمره ووصية والده ترن في أذنه أن لا يأخذ من الفقير أجراً على العلاج والدواء، وكانت تلك الوصية صوت الضمير الحي.

ضج هذا الصوت في أعماق ذلك الطبيب الأشهر إنسانية في مصر والعالم العربي، ولم تزد السنون محمد المشالي إلا عزما وتصميما وإصرارا على أن لا يأخذ من الفقراء أجرا.

هو من مواليد عام 1944 لأب يعمل في قطاع التعليم والتربية، كانت الأسرة فقيرة جدا، فراتب المدرس الحاج عبد الغفار مشالي لا يكفي لسد حاجيات أسرة متعددة الأفراد.

لكنها كانت تملك كنزا كبيرا من القناعة والكرم، فها هو الحاج يوصي ابنه أن لا يأخذ من الفقير أي أجر على العلاج، رغم أن مهنة الطب من أكبر مصادر الدخل وسبل الإثراء السريع في مصر، بل والعالم كله.

المشالي هو خريج كلية الطب في القاهرة سنة 1967، ومنذ ذلك التاريخ، وهو يقدم الخدمة الطبية المجانية للفقراء، مستمرا في بذل الخير.

لم يكن أغلب المصريين يعرفون المشالي حتى قفزت قصته قبل سنوات قليلة إلى الواجهة بعد أن اكتشفته وسائل إعلام مصرية.

ونقلت قصته المبهرة إلى العالم، حيث أصبح أحد أشهر الشخصيات العربية في مجال الإحسان والعمل الإنساني.

حاول الطبيب الراحل إنقاذ الطفل، ولم يتمكن من ذلك، ولكن آخر كلمات الطفل وهو يوجه حديثه لأمه: “فعلت ذلك من أجل توفير ثمن الإنسولين لإخوتي”.

بقيت ترن تلك الكلمات في أذن الطبيب الراحل لعقود من الزمن، وكانت تلك القصة المبكية منعرجا فعليا في حياة الراحل الذي لم يكن يحتاج دافعا إنسانيا ليؤدي برحمة وإتقان وظيفة ملائكة الشفاء.

عرف الدكتور المشالي بمظهره البسيط، وملابسه المتواضعة جدا، وبعيادته الصغيرة التي تغلب عليها البساطة، ويذهب أبناؤه إلى القول إن والدهم اختار هذه المشاهد بعناية.

كانت ملابسه رسالة صامتة إلى الفقراء بأنهم يقفون أمام رجل منهم يحبهم أكثر مما يحب نفسه، ويحمل إليهم نور الحياة وفرح الشفاء.

كان المشالي يردد لأسرته بأنه يريد أن لا يتفاجأ المريض الفقير من شكل العيادة ولا من ملابس الطبيب، وعندما يجد الفقير نفسه في عيادة براقة، وأمام طبيب بملابس زاهية، فسيشعر بالحرج.

وبهذا كان المشالي طبيبا نفسيا أيضا ومربيا يراعي نفسيات المرضى وأسرهم، ويسعى دائما لأن يحتضنهم بالعلاج والدواء والنصح، وحتى بالانتماء الاجتماعي إلى طبقتهم.

لم يكن رفض الرجل للمال المقدم له يقظة ضمير عابرة، بل كانت منهج حياة، حيث كان يكتفي منها بالبسيط من كل شيء مأكلا ومشربا، ويقول في إحدى مقابلاته: نشأت فقيرا وساندويتش الفول والطعمية يكفيني، ولا أريد أن ألبس ملابس بآلاف الجنيهات أو أركب سيارة طولها 10 أمتار.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق