ثقافية

الغوريلا “نداكاسي”.. كيف فارقت الحياة بين ذراعي حارسها؟

مصور ناشيونال جيوغرافيك، “برينت ستيرتن” يوثق لحياة الغوريلا الجبلية اليتيمة “نداكاسي”، التي فارقت الحياة قبل أيام قليلة.

في عام 2007 ذهبت إلى “منتزه فيرونغا الوطني” بالكونغو في مَهمة، وكنت أعمل مع مجموعة من الحراس الذين كانوا يقاتلون العصابات. وصلتنا أنباء وقتها تفيد بأن عدداً من الغوريلا الجبلية المهددة بالانقراض قد قُتلت في ظروف غامضة. كان ذلك عندما قابلت الغوريلا “نداكاسي” لأول مرة، وسط هطول أمطار غزيرة. كانت تبلغ من العمر بضعة أشهر وتتشبث بجثة أمها النافقة، بينما تجمع الدم حولها.

كان القتل العشوائي للغوريلات في غابات إفريقيا بمثابة “حماقة” تهدد بانقراضها، حيث لم يكن هناك سوى 400 غوريلا جبلية فقط في هذه الغابات. وكانت “نداكاسي” العضو الوحيد في عائلتها الذي ما زال يتشبث بالحياة. كانت هشة ومن غير المرجح أن تعيش طويلًا. أبعدها الحارس “أندريه بوما” عن المطر، مستخدمًا دفء جسده لإبقائها على قيد الحياة حتى الصباح. كانت بداية علاقة حب استمرت 14 عامًا. (لا يزال أندريه هو مقدم الرعاية الرئيس في مركز سينكويكوي في فيرونغا، أول منتزه وطني في إفريقيا بجمهورية الكونغو الديمقراطية). انتقلت “نداكاسي” إلى “سينكويكوي”، حيث عاشت مع عدد من الغوريلا الجبلية، وكانت جميعها يتيمة تحظى بالرعاية في دار أيتام يعتني بهم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. ويحقق الطبيب البيطري “إيدي سيالوها” وفريق أطباء الغوريلا معجزات هناك منذ اليوم الأول.

تعد غوريلا الجبال مخلوقات حساسة وهشة بشكل مدهش، مثل البشر لديهم لحظات من البهجة وأخرى من الحزن. كل هذه الصفات شاركتها “نداكاسي” مع القائمين على رعايتها، ليقعوا في حبها إلى الحد الذي جعلهم ينادون الغوريلات الأيتام باسم “أطفالي”. وأصيبت”نداكاسي” بمرض غامض منذ نحو ستة أشهر. لتنفق بين ذراعي أندريه، بعد 14 عامًا من احتضانه لأول مرة. ويقول “برينت ستيرتن”: “أعلم أنهم حاولوا كل شيء لإنقاذها. ولكن في النهايد نفقت مع أشخاص أحبتهم وأحبوها”.

غوريلا الجبال شبيهة بالإنسان ولها مجتمعات معقدة. يمكن أن تصاب بالاكتئاب، بحسب ستيرتن. وعندما تنظر إلى مجتمع الغوريلا، فإن تجمعات الغوريلا أكثر إنسانية من مجتمعنا. إنهم مرتبون، يعتنون بكل فرد في عائلاتهم.  يضيف ستيرتن: “تركز غالبية عملي مع  [ناشيونال جيوغرافيك] على محاربة التجارة غير المشروعة في الحياة البرية. وغالبًا ما أنظر إلى الطرف الحاد للعصا. ولكن سواء كنت أنظر إلى الكركدن أو آكل النمل الحرشفي أو الأسود أو الأفيال، ويظل أكثر ما استمتعت به هو أنني قضيت وقتًا مع هذه الحيوانات وعاملتها باحترام، وكسبت ثقتها”. هذه الحيوانات الرائعة يمكنك تطوير علاقات مذهلة معها. ويمكنك الوصول إلى النقطة التي يستقبلك فيها الفيل في الصباح، أو البحث عنك إذا كنت في عداد المفقودين، أو حتى تكشف لك مكان اختباء الصيادين.

 يقول ستيرتن: “لقد تعلمت عبر السنوات أنه يمكنك أن تقيم علاقة مع الحيوانات مثل تلك التي تكونها مع الكلاب. ولكن يظل الأمر مختلفًا عندما يتعلق الأمر بالغوريلا التي تشبه الإنسان. بالنسبة للقائمين على رعايتهم وكثيرين غيرهم، كانوا مثل البشر، كانوا من العائلة”. فعندما كان “بوما” يأخذ قسطًا من الراحة كانت “نداكاسي” تصعد أحيانًا إلى جواره وتمسك بيده مثل صديق بشري مقرب. هناك شيء ما يحدث وهناك ما لم نستكشفه حقًا. لقد أنشأنا عالمًا بيننا وبينهم، لكنني أعتقد أن هناك إمكانية أن يفهم البشر والحيوانات بعضهم البعض بشكل أفضل وأن يكونوا أقرب كثيرًا. و “نداكاسي” كانت مثالاً على ذلك”.

المصدر: National Geographic

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق