ثقافية

من العدل مناصرة الشباب لخوض الاستحقاقات الانتخابية 2021

بقلم : الأستاذ نورالدين السعيدي حيون

بعد عقود من الدفاع عن الشباب المغربي، عن حقه في حرية التعبير ونزاهة الأفكار وحصانة الأهداف، أصبحنا اليوم ملزمون بمناصرتهم والاستماع إليهم دون تردد في نشر مواقفهم واختياراتهم السياسية، وإعطائهم الفرصة لتحمل المسؤولية والممارسة الديمقراطية، واحترام استقلالية رأيهم.
لقد كان وراء رغبتي للعودة إلى الكتابة في هذا الموضوع، بعد أن كتبت فيه في سنة 2002، عند تقديمي لكتاب”دفاعا عن الشباب:مع السياسة والسياسيين” للدكتور محمد سعيد الشركي اخناشر، مستلهما مضمون مقالتي من تجربتي المتواضعة في الحياة السياسية الشبابية وما تعانيه من تهميش في اتخاذ القرار السياسي وتولي المسؤولية السياسية، وذلك حتى داخل تنظيماتها الحزبية، مما جعلني اليوم أزداد قناعة بأن شبابنا يحتاج إلى المناصرة لتحقيق حقه في العمل والمسؤولية السياسيين، خصوصا وأن حركة 20 فبراير خلال سنة 2011، أبانت ذلك بالملموس، بل وقبل ذلك وفي كل الأحداث التي شهدها المغرب سواء أيام الحماية أو بعد الاستقلال، حيث كانت الشبيبة المغربية تحتل الصدارة أثناء كل الأحداث السياسية والبطولية، وفي أحلك الظروف التي مر منها وطننا من أجل التحرر والانعتاق، كما كان صوتها يعلوا عالياومدويا للتنديد بكل الخروقات التي تطال حقوق الإنسان والمواطن، وكلما اشتد اليأس بأبناء الوطن، أو النيل من السيادة المغربية أو الحط من كرامة المغربي، حيث يقف الشباب إلى جانب كل من انتهكت حقوقه وناصروا المظلومين، وكانوا خير لسان لمن لم يستطيعوا رفع مظلوميتهم والتعبير عنهم بكل شجاعة وأمانة تطلب من بعضهم الفداء بأرواحهم أو ضياع زهرة شبابهم في غياهيب السجون والمعتقلات الحاطة بالكرامة، ولم يثن ذلك من أعقبهم في النضال، حيث صاروا على نفس النهج كلما تجدد المس بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والمواطن، والثوابت الراسخة لبناء دولة الحق بالقانون.
فنضالات الأجيال الشابة المغربية تؤرخ لكل المحطات وتعكس الوضعية الحقيقية لوطننا على كل المستويات سواء منها السوسيواقتصادية أو الحقوقية أو السياسية.
إن ترسانة المغرب من العقول الشابة دالة على ماض مجيد وعريق لهذه الفئة، فجل أعضاء الحركة الوطنية هم من خيرة الشبيبة المغربية الغيور والطموح لتحرير البلاد من كل أشكال الاستعمار والاستعداد و الاستبداد عبر تاريخنا الوطني.
إن شريحة الشباب المغربي قاعدة – وعلى الدوام – أساسية في التوجه نحو بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي ونزيه، وطليعة لبناء ووضع الأسس الصلبة والحداثية لدولة عصرية أصيلة وحداثية، دولة الحق بالقانون، على اعتبار أن ذلك في الغالب الأعم،دائما وأبدا، هو المبدأ والمبتغى والهدف الأسمى، لهذه الشريحة الفتية التي كثيرا ما همشتها رجالات السياسة في هذا الزمان، وتركتها تعاني الأمرين البطالة رغم الحصول على الشواهد العليا، وفي أحسن الأحوال استغلالها في إطار عقود الإذعان. كل ذلك دون غيرة ممن يدبرون الشأن السياسي والاجتماعي محليا ووطنيا، على مستقبلنا الحضاري المرهون بالتناوب والتدافع السياسي، بمنح هذه الفئة العريضة من الشباب مكانة الطليعة في تحمل المسؤولية و التداول عليها لترسيخ ثقافة التناوب الحقيقي، وتجاوز شكله التوافق، والمييز الإيجابي الراهن، خصوصا وأننا على عتبة الاستحقاقات الانتخابية 2021، ولتمتين لبنات مفاهيم العهد الجديد في السلطة والمجتمع، ولما لا، حتى على مستوى الممارسة السياسية الحزبية وبالتالي تبني مفهوم جديد الحزبية وتشبيب قواعدها وكل دواليبها، تماشيا مع الطموحات العريضة من شباب المغرب كما ترجمها دستور ما بعد الربيع العربي لسنة 2011، وعلى رأس ذلك قيادة تعكس قاعدة الهرم السكاني الشابة لوطننا، ولما لا أيضا، حكومة شابة أكثر تمثيلية للقاعدة الفتية للمغرب.
بهذا يصبح المغرب مؤهلا للوقوف في وجه أطماع العولمة الكاسحة بفلسفتها الخادمة الأقوى باسم محاربة الإرهاب، وهي كما يعلم الشرفاء ضرب من الافتراء المفضوح بزعامة القطب الواحد والتبني لإيديولوجية تصادم الحضارات، بهدف استهداف الهوية الأصلية لمجتمعاتنا الحرة.
إنني أعتبر مقالي هذا مناصرة عادلة لشبابنا، ودعوة صريحة لنشدد بها أزر هؤلاء الفتية و مشاركتهم في تحقيق طموحاتهم في مستقبل سياسي يليق بمغرب الألفية الثالثة، بفسح المجال أمامهم لتحقيق ذواتهم من خلال الممارسة النظيفة للسياسة والنزيهة للسلطة، والحقيقة الديمقراطية، وتحديث الدولة ذات السلطة المستقلة فعليا، والضامن لاستقلالية المؤسسات التشريعية والسياسية، وتطوير دور المجتمع المدني والمؤسسات الإدارية المستقلة والجماعات الترابية ذات الحكامة الجيدة والراشدة.
الشباب السياسي الحر والنزيه لا يمكن إلا أن يشكل العمود الفقري لأي إصلاح سياسي مخلص وطموح، ونموذج تنموي جديد وفعال، فنجاح أي استراتيجية تنموية شاملة رهينة بتعبئة الكفاءات الشابة المعنية قبل غيرها بالارتقاء بتدبير الشأن العام المحلي و الجهوي والوطني، وإشراكهم في التخطيط والتقرير للمستقبل، لذلك تجدنا نؤمن إيمانا يقينيا ببذل كل الجهد مع الغيورين على هذا الوطن، للدفع بالجميع نحو تحقيق هذا الهدف النبيل، خدمة للشباب وتحفيزا له وتطويرا لمسيرته النضالية للإرتقاء بخدمة الصالح العام، كما تجدني مبادرا لتزكية من يساهم في دفع عجلة الشباب إلى الأمام، ويشد على أيديهم ليتحملوا المسؤولية النضالية والتنمية كاملة، ومن أجل القطع مع مرحلة الانتقال الديمقراطي التي طالت وأصبحت دون أفق معقول، وبالتالي بناء مجتمع ديمقراطي اجتماعي عادل اجتماعيا وماليا، فدعم العدالة الاجتماعية دعامة للتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان، مع الإخلاص لتقاليدنا العريقة المتجدرة في ديننا الإسلامي الحنيف، بقناعة راسخة وإيمان قوي في نهج عقلانية سياسية نافعة لا شك في ذلك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون من الشبيبات الحزبية الرصينة والمعقولة، فقط امنحوهم الفرصة ليبلوا البلاء الحسن في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وما بعدها، على مستوى الجماعات الترابية والغرف المهنية والمؤسسة التشريعية، وما بعدها لتدبير شؤون السلطة التنفيذية.، وإلا فلننتظر مزيدا من العزوف السياسي، واستمرار التوتر الاجتماعي، وتزايد مد الاحتجاجات الشبابية، مع نزيف في قوارب الموت.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق