أزمة الكراء بالعرائش: جشع يقتل التجارة وصمت يضاعف المعاناة

سعيد بن الشريف
مدينة العرائش، التي عرفت على مر السنين بوجهها البحري وسحرها الطبيعي، تعيش اليوم أزمة صامتة تقض مضجع التجار والمكتريين على حد سواء. ففي السنوات الأخيرة، شهدت المدينة ارتفاعا غير مسبوق في سومة الكراء، خاصة المحلات التجارية، في وقت تعاني فيه من ركود اقتصادي خانق، جعل الحركة التجارية شبه موسمية تقتصر على فصل الصيف.
المفارقة الكبرى أن ثمن الكراء في العرائش بات يقارب، بل يكاد يضاهي، كراء المحلات في مدينة طنجة، التي تعتبر قطبا صناعيا وسياحيا يزخر برواج اقتصادي يضاعف مدينة العرائش آلاف المرات. كيف يعقل أن يطالب تاجر صغير في العرائش بأداء سومة كراء تقارب تلك المفروضة في مدينة تدر حركتها التجارية الملايين بشكل يومي؟
النتيجة واضحة: تجار غارقون في الديون، محلات أغلقت، شركات كبرى ومقاه أعلنت إفلاسها، بينما يستمر النزيف في غياب أي مبادرة للحد من هذا الوضع.
وعند مقارنة العرائش بجارتها القصر الكبير، نجد فرقا صارخا؛ فهذه الأخيرة تستفيد من موقع استراتيجي محاط بعدد من الدواوير، ما يجعل تجارتها معتدلة على مدار السنة، ومع ذلك تبقى سومة الكراء هناك في حدود لا تصل حتى إلى نصف ما يفرض بالعرائش.
إن الاستمرار في الضغط على المكتريين عبر فرض أثمنة خيالية لا يخدم سوى مصلحة آنية لأصحاب المحلات، بينما يفقد المدينة توازنها الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل. فإغلاق المحلات يعني فقدان فرص الشغل، وهروب الاستثمار، وتراجع النشاط التجاري الذي هو أساس حياة المدينة.
لذلك نوجه رسالة إلى أصحاب المحلات: اتقوا الله في تجارتكم، فالكراء العادل يبقي محلكم عامرا ويربحكم على المدى الطويل، أما الجشع فلا يخلف سوى الخراب. (فلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
إلى السلطات المحلية: أنتم مطالبون بالتدخل عبر وضع آليات للمراقبة والوساطة، حتى لا يتحول الكراء إلى سلاح يهدد استقرار المئات من الأسر.
إلى مسؤولي المدينة: مستقبل العرائش رهين بدعم تجارتها الداخلية، والحد من نزيف المحلات المغلقة، وإلا ستظل مدينتنا رهينة موسم صيفي عابر لا يغني ولا يسمن من جوع.
العرائش تستحق اقتصادا حيا لا كراء قاتلا.



