ثقافية

حماية المعطيات الشخصية في زمن كورونا .

بقلم : عمر المعاش
تعد حماية المعطيات الشخصية من حقوق الإنسان المتعلقة بحقه في الخصوصية، كما أنه حق دستوري منصوص عليه بموجب الفصل 24 من دستور المملكة الذي ينص على أنه “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة “.
وقد واكبت العديد من الدول منها المغرب هذا الحق مواكبة تشريعية وقضائية بهدف تفعيل حق الشخص في الخصوصية .
غير أن القضاء المغربي كانت تعرض عليه أحيانا قضايا تعاني من فراغ تشريعي من قبيل: التجارة الإلكترونية،الجريمة المعلوماتية، المس بنظام وسائل الأداء الإلكتروني …
ولذلك فقد صدرت في السنوات الأخيرة عدة نصوص قانونية لملء هذا الفراغ التشريعي ومن ذلك ؛ مدونة التجارة بشأن وسائل الأداء الإلكتروني ،القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية،
مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بنظم المعالجة الآلية ،القانون رقم 08.09
المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي،بغاية توفير الثقة الرقمية .
هناك عدة أوجه للخصوصية منها الحق في حرمة المسكن، الحق في سرية المراسلات (الخصوصية المادية )، الحق في وصول وسيطرة الشخص على بيانته الشخصية (خصوصية المعلومات ) وهذا الأخير هو ما يهمنا بالأساس.
خلال فترة الحجر الصحي لجأ العديد من الناس إلى إشباع حاجياتهم عبر الأنترنيت من خدمات ومنتوجات،وحماية المعطيات الشخصية تعنى بحماية المعلومات المتعلقة بهؤلاء المتعاملين عبر الأنترنيت خصوصا في ظل تحديات تكنولوجيا المعلومات و العولمة .
في التشريع المغربي ترسانة قانونية مهمة مرتبطة بحماية هذه الخصوصية على رأسها القانون 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الذي حدد في مادته الأولى البند 1 مفهوم معطيات ذات طابع شخصي بأنها ” كل معلومة كيف ما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها، بما في ذلك الصوت والصورة،والمتعلقة بشخص داتي معروف أو قابل للتعرف عليه والمسمى بعده بالشخص المعني.
حدد أيضا المقصود بعبارة معالجة في نفس المادة بأنها هي كل عملية أو مجموعة من العمليات تنجز بمساعدة طرق آلية أو بدونها و تطبق على المعطيات ذات طابع شخصي، مثل التجميع أو التسجيل أو الحفظ أو الملاءمة أو التغيير أو الإستخراج أو الإطلاع أو الإستعمال أو الإيصال عن طريق الإرسال أو الإذاعة أو أي شكل ٱخر من أشكال اتاحة المعلومات أو التقريب أو الربط البيني و كذا الإغلاق أو المسح أو الإتلاف .
أما المادة 2 فحددت نطاق تطبيق هذا القانون ، والمشرع كذلك قد احدث لجنة خاصة بحماية المعطيات الشخصية.
وفي حياتنا اليومية ومع هذه الظرفية الإستثنائية أصبحنا نتعامل بمعطياتنا ،من ذلك،بطاقة التعريف الوطنية ،أرقام البطائق البنكية…
ولكن يتسائل البعض عن مدى حماية هذه المعطيات وما مصيرها بعد الحجر الصحي؟.
عندما نتعامل بمعطياتنا عبر الأنترنيت تقوم الشركات بإعادة تجميع هذه المعطيات أو استغلالها،على اعتبار أنها مصدر مهم للمقاولات من أجل الرفع من نشاطها التجاري،بما قد يحمله ذلك من مخاطر إمكانية إساءة إستعمال معالجة المعطيات الشخصية للأفراد.
تجدر الإشارة بأن القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك ينص على حق هذا المستهلك في إعلامه حول المنتوج أو الخدمة و حول الضمان و إجراءات الطلب و الأداء ،لكنه لم يتضمن مقتضى يتعلق بإعلام المورد للمستهلك بمصير معطياته الشخصية التي تم تجميعها واستعمالها من بطائق بنكية،بريد إلكتروني،بطاقة التعريف…
لعل النص الوحيد الذي يمكن أن نتحدث عنه ، هو ما نص عليه القانون 53.05 في الفصل 6-65 وبموجبه يمكن توجيه المعلومات المطلوبة من أجل إبرام عقد أو المعلومات الموجهة أثناء تنفيذه عن طريق البريد الإلكتروني إذا وافق المرسل إليه صراحة على إستخدام الوسيلة المذكورة ،لكن لم يفسر المشرع طريقة الحصول على موافقة المرسل إليه على إستخدامه بريده الالكتروني.
هل على التاجر
السبرياني الإتصال بالمستهلك هاتفيا ويطلب منه الترخيص لإستعمال بريده الإلكتروني أم سيبعث له برسالةعادية ؟
الأمر غير واضح ويستدعي إعادة نظر المشرع في هذه الثغرات التي لا تحمي المستهلك وتعرض معطياته الشخصية للإستغلال.
قانون الأرشيف كذلك لم يتطرق لهذا النوع من الأرشفة بما فيه الكفاية وهو غاية في الأهمية مما يقتضي إعادة النظر فيه أيضا،
في ظل حالة الطوارئ الصحية كما سبق القول جل الوثائق يتم التعامل بها إلكترونيا ، تحولت الملفات القضائية في كتابة الضبط إلى أوراق إلكترونية،وثائق التأمين الصحي كذلك أصبحت إلكترونية ،الادارات والشركات والمؤسسات تخزن بشكل يومي عدد هائل من البيانات الشخصية للمواطنين ،مما يستدعي معه حفظها وتخزينها إلكترونيا مما يمكن معه القول أن المغرب يتجه نحو العصر الرقمي .
مما سبق ينقصنا التساؤل عن الجهات التي تراقب حفظ هذه الوثائق أرشيفيا وعمليا إتلاف هذه الوثائق بعد انتهاء الحجر الصحي ؟
طبقا للقانون 08-09، تسهر اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP) على احترام القواعد الواجب اتباعها، من قبل المؤسسات العامة والخاصة، قبل وأثناء معالجة المعطيات الشخصية.
في حالة عدم امتثال المسؤولين عن المعالجة لهذه القواعد، يمكن إرسال شكاية إلى اللجنة للمساعدة على ممارسة الحقوق المرتبطة بالخصوصية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق