شبابنا بين مطرقة البطالة وسندان المخدرات

سعيد بن الشريف
تعاطي المخدرات بين الشباب لم يعد مجرد حالات معزولة، بل تحول إلى ظاهرة اجتماعية تنخر جسد المجتمع في صمت. في الأزقة، في المقاهي، وحتى قرب المؤسسات التعليمية، تنتشر مظاهر الإدمان بشكل يثير القلق، وكأن المخدرات أصبحت جزءا عاديا من المشهد اليومي.
أسباب هذه الظاهرة متعددة، أولها البطالة التي تدفع آلاف الشباب إلى البحث عن ملاذ بديل يخفف عنهم ضغط الحياة وانسداد الأفق. غياب فرص العمل وغياب سياسات إدماج حقيقية يجعل الفراغ واليأس يغلبان، ليصبح المخدر وسيلة للهروب من واقع قاسٍ لا يرحم.
العامل الثاني هو الإغراء السهل بالمال السريع، حيث يتحول بعض الشباب من مستهلكين إلى مروجين، في ظل انتشار واسع لشبكات البيع التي تنشط أحيانا أمام أعين الجميع.
لكن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الفرد. فكيف نفسر هذا التوسع الكبير لنقاط البيع دون تدخل أمني فعال؟ كيف يمكن أن تباع السموم على مرأى ومسمع الناس بينما الأمن يتحدث عن استراتيجيات محاربة الجريمة؟ أليس في ذلك تقصير واضح؟ ثم أين هي البرامج الحكومية التي وُعد بها الشباب لتوفير فرص الشغل والبدائل الاقتصادية؟ أليس التهميش وغياب الأفق هو الشرارة الأولى التي تدفع الشباب نحو الإدمان؟
أما الحلول، فهي ممكنة إذا وُجدت الإرادة الحقيقية. أولها توفير فرص شغل تحفظ كرامة الشباب وتعيد لهم الثقة في المستقبل. ثانيها تعزيز الرقابة الأمنية الجادة لمحاصرة شبكات الترويج بدل الاكتفاء بحملات مناسباتية لا تغير شيئاً في العمق. ثالثها إطلاق برامج للتأطير الثقافي والرياضي والفني، لتوجيه طاقات الشباب نحو مجالات بناءة بدل أن تلتهمها المخدرات.
في النهاية، ظاهرة تعاطي المخدرات ليست قدراً محتوماً، لكنها نتيجة طبيعية لسياسات فاشلة وتقصير أمني واضح. إن لم تتحمل الدولة مسؤوليتها في حماية شبابها وتوفير شروط حياة كريمة لهم، فإننا سنستمر في خسارة أجيال كاملة، تذبل أحلامها قبل أن ترى النور.



