مبنى ليكسوس ساحة التحرير بالعرائش
محمد عزلي
بدأت أشغال تشييد المبنى المكون من طابقين والمعروف تداولا بين سكان مدينة العرائش ب “ليكسوس” سنة 1921 تقريبا بالتوازي مع فندق إسبانيا كما توضحه الصور الفوتوغرافية، إلا أن بناءه استغرق وقتا أطول من قرينه؛ تصنف البناية ضمن الهندسة “النيوعربية” (Néo Arabe)، هو طراز معماري إحيائي بلغ أوج انتشاره عالميا في القرن 19، وتم الاعتراف به رسميا سنة 1900، تبناه العديد من المعماريين الغربيين الذين تأثروا بتفاصيل جمال العمارة الإسلامية عموما والمغربية الأندلسية خصوصا، وذلك من خلال المشاريع العمرانية الاستعمارية، ويعتقد الدكتور “أنطونيو برافو نييتو” المتخصص في تاريخ الهندسة المعمارية في شمال المغرب أن المبنى من أعمال المهندس “كوتييريس ليسكورا”، فيه مزج عبقري بين العمارة الأندلسية والمغربية الموحدية، خصوصا في تشكيلات النوافذ التي تأخذ شكل حدوة حصان يزين حاجبها زليج أخضر، إن خصوصية هذا الطراز تبدو واضحة في بعده الروحي الإسلامي، فحُرْمَة النافذة مثلا مرتبطة بالحياة الخاصة والغيرة الشرقية على الحريم، يقول المهندس الفرنسي “جاك غيوشان” أحد أشهر أعلام هذا الطراز العمراني: “نأخذ مثال النافذة، فهي عنصر جد هام يفرض خصوصيته في المبنى، بالنسبة للمغاربة فهم يريدوها صغيرة ونادرة، حتى يتسنى للشخص أن يأخذ مكانهُ فيها (…) أما نحن فنريدها كبيرة وكثيرة، حتى نترك الهواء والضوء يدخلان بصورة واسعة (…) يجب البدء في البحث داخل العمق أحسن من التوقف على الشكل، أي بمعنى آخر التوغل في فلسفة الفنون الإسلامية لكي نستخرج الأهم “؛ وتجدر الإشارة إلى أن المبنى رمم وأعيد تأهيله سنة 2015 على يد مستثمر محلي محافظاً على شكله الإنشائي الأصلي، وأعيد إصلاح الفضاء السفلي كاملا ليشكل ما سمي في عهد الاستقلال ويعرف حاليا بمقهى ومطعم ليكسوس.
اشتهر المبنى زمن الحماية بمقهى وحانة La Vinícola فينيكولا، ثم المقهى المغربي الإسباني Café Hispano-Marroquí وبجانبه Casa Martínez عند مارتينيز، ويذكر ج.علال عزلي (رئيس دائرة العرائش في الشبيبة والرياضة سابقا، من مواليد 1929) عن المكان، أنه كان ملتقى للتجار المغاربة والإسبان واليهود على السواء، من أرباب المواشي وتجار الجملة (فحم، لحوم، جلود، قمح، صوف، قطن، توابل، فلين، بيض..) وهي التجارة التي عرفت رواجا وازدهارا من خلال حركية الاستيراد والتصدير الذي ميز النشاط التجاري لمرسى العرائش، خاصة عبر خط “العرائش/كاديس” وهو الأمر الذي تؤكده العديد من الأرشيفات الإدارية الإسبانية؛ فكان من الطبيعي أن تجد بالمكان تشكيلة من رموز السلطة المحلية كالباشا خالد الريسوني وأعوانه، وسلطات الحماية ممثلة في بعض عساكرها خصوصا من الفاسدين الذين استغلوا نفوذهم للضغط على أصحاب الرساميل المغربية وبالتالي ابتزازهم وفرض إتاواتهم المجحفة عليهم، ويضيف السيد علال في هذا الصدد أن معظم هؤلاء المغاربة الذين عرفوا في عين المكان بسيطرتهم على تجارة الجملة القادمة من بوادي المنطقة كانوا من أصول أمازيغية ريفية (روافة)، وكان فرضاً على كل تاجر منهم أن يجد له حماية مناسبة من أصحاب النفوذ أو من تمثيليات القنصليات الأجنبية، وإلا فإنه معرض لا محالة للتضييق والحيف.(7)