جهوية

محترفو الانتخابات متخوفون من انخراط الشباب في السياسة.


تراجع دور الاحزاب بعدما اعتمدت على آليات متقادمة و متهالكة لا تساير التطورات العميقة التي مست المجتمع، الشيء الذي صعب عليها القيام بدورها التأطيري ،ولم تتمكن ايضا من الانفتاح على اهتمامات الشباب المتجددة، و بالتالي حصلت القطيعة وتعمقت حالة من النفور والعزوف، وبات الشباب يبحث عن فضاءات أخرى بعيدة عن الأحزاب، للتعبير عن رغباتهم، سواء من خلال حركات مدنية مستقلة، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الارتماء في متاهات الانحراف بمختلف أشكالها، و بينما كان الهذف من تأطير المواطنين هو توسيع دائرة الوعي بين صفوفهم مع التذكير بأن التاطير من اهم المهام الموكولة للاحزاب دستوريا ، نجد أغلب الهيآت السياسية بالبلد تعرف طغيان الممارسة الانتخابوية بسبب لهطة و لهفة محترفي الانتخابات على مناصب الامتياز لفائدة شيوخهم و عائلاتهم و مريديهم .
و في السابق كانت الاحزاب تعتمد على التنظيمات والجمعيات والهيآت المدرسية و الطلابية ،تمرر من خلالها القيم النبيلة للعمل السياسي،و إرساء القيم و الأخلاق الفاضلة ، ومحاربة الفردانية والاتكالية، و تعمل من خلالها ايضا على نشر قيم التضحية والمسؤولية، ولكنها اليوم أصبحت تعاني ضعف التأطير، و اختفت وغابت جسور التواصل بين القيادات والقواعد إن لم نقل غابت القواعد اصلا، كما أن الاطارات الشبابية من منظمات وجمعيات وووو… أصبحت جوفاء بسبب تخوف القيادات من خلق منافسة شبابية لابنائهم إن لم نقل لابناء احفادهم ، وبالتالي يصعب تكوين نخب جديدة تستطيع بناء جسور متينة لتسهيل مرور الشباب و التحاقهم بالاحزاب السياسية للاستفادة من خبرة القيادات السياسية والكفاءات الحزبية، من أجل تكوين نخب جديدة تغذي مؤسسات الدولة والمجتمع بكفاءات في التدبير والتسيير.
ورغم دعوة عاهل البلاد في أكثر من مناسبة الأحزاب إلى مضاعفة الجهود واستقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، وتوجيهه انتقادات لادعة لعمل الأحزاب في مناسبات عديدة ، داعيا إياها إلى تجديد أساليب وآليات اشتغالها، “لأن أبناء اليوم هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم.” لكنها متشبتة باسلوبها التقليدي الذي يكرس نفور الشباب من الانخراط بقوة في المشهد السياسي.
و الاكيد أن الكل متفق على أهم تجليات أزمة العمل السياسي بالبلد هو نفور الشباب من الانخراط في هذا العمل حتى لا يستغلون كأثاث للمؤسسات الموازية و الموالية لهذه الاحزاب ، و أصبحت الاغلبية من العامة تصف الشباب الملتحق بأحد الاحزاب إما انتهازي وصولي أو مغفل، دون مبالاتهم أن تكريس هذه الثقافة هي خدمة مجانية لمحترفي المواسم الانتخابية، وهي ايضا ستسوقنا إلى واقع قد لا نتحكم فيما قد يحدث من تهديد خطير للاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي بصفة عامة الله يحفظ.
و من خلال تجربتي المتواضعة في الممارسة السياسية ، أعتقد أن الحل الانسب هو إعداد نموذج تنموي سياسي وذلك بتشكيل كتلة شبابية تؤمن بالتغيير وامكانية الاصلاح من الداخل ، تؤمن أنها بإمكانها أن تعطي درس للاحزاب المتشبتة بالتقاليد البالية التي اصبحت لا تسمن الساكنة و لا تغنيها من جوع ،بل هي فقط تسمنهم وتسمن أقاربهم و تغنيهم وتغني أقاربهم و مريديهم،أتفائل خيرا من شباب و شابات هنا بالعرائش سيصنعون إن شاء الله نموذجا يستطيعون به تنظيف المشهد السياسي البئيس بهذه المدينة الغالية على قلوبنا…..

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق