ثقافية

الشخصية المغربية – دينامية التنوع

محمد عزلي
عمل تاريخي جماعي يضم 13 مؤلفا لأقلام بحثية متخصصة، من إصدارات مجلس الجالية المغربية بالخارج 2016، وهو منتوج فكري اشتغل على الشخصية المغربية وخصائص هويتها، واضعا نماذج مميزة تركت بصمة خالدة محليا وكونيا عبر التاريخ في مجالات الدين والعلم والأدب والسياسة.. مما يبرز غنى وتنوع الموروث التاريخي المغربي، ويعكس حقيقة مجتمعه وثقافته.
يقول الدكتور عبد الله بوصوف Abdellah Boussouf الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عن هذا الإصدار:
“إن مشروع إعداد عمل تاريخي يقدم مسارات شخصيات مغربية طبعت التاريخ المغربي يستمد روحه من ديباجة الدستور المغربي الذي يؤكد على تعدد الأبعاد والروافد التي ساهمت في بناء هذه الشخصية المغربية.
لقد ساهم في إنجاز هذا المؤلف مجموعة من المؤرخين الذين سعوا لإبراز خصائص الهوية المغربية… بهدف تقريبها للشباب المغربي، خاصة وأن الأحداث المؤلمة التي عاشها العالم في الفترة الأخيرة تزكي الحاجة الملحة لتقديم وتثمين الشخصية المغربية التي تتميز بالتعدد والعيش المشترك وقبول الآخر لدى الشباب سواء في داخل المغرب أو في المجتمعات الغربية”
يضم الإصدار 13 مؤلفا من تنسيق عبد المجيد القدوري وهي كالآتي:
1- “الحديث عن الشخصية المغربية التاريخية” عبد المجيد القدوري Abdelmajid Kaddouri أستاذ باحث، جامعة محمد الخامس، تخصص: المغرب وأوروبا خلال العصر الحديث، تاريخ الذهنيات [14 صفحة].
يقول الكاتب: “انطلقت الدراسات التي نقدم اليوم للقارئ من سؤال بديهي: من هو المغربي اليوم؟ وما هي المحددات التاريخية لشخصيته؟
لا يمكن فهم الشخصية المغربية أو مقاربة خصوصيتها وحساسيتها أو إدراك مراكز قوتها وضعفها بدون ملامسة الذاكرة الفردية أو الجماعية التي تختزن المفاتيح الأساسية القادرة على فهم مغرب اليوم، لأن هذه المفاتيح تمكننا من التقرب قدر الإمكان من مغرب الأمس. كيف كان، وكيف كان يتحول وفق شروط معينة، ليصبح على ما هو عليه اليوم.
2- “الموريسكيون والشخصية المغربية: أبو القاسم الحجري نموذجا” عبد المجيد القدوري [45 صفحة].
لا شك أن العناصر الأندلسية المطرودة أو المهاجرة قد حلت بالمغرب بعاداتها وبثقافتها وبمهارتها، فالشخصية التاريخية المغربية قد تغذت من هذا النمط، ومازلنا نرى ذلك في الحياة اليومية للإنسان المغربي.
إن تتبع مسار أبي القاسم الحجري، يجعلنا نكتشف وجود أبعاد أندلسية أخرى في شخصية الإنسان المغربي، وقد كان الحجري الوسيط دون منازع فيما بين الأنا الإسلامية والأنا المسيحية.
3- “الشيخ ماء العينين الكبير والبعد الصحراوي” للباحث مبارك أيت عدي Aitaddi Mbarek ، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التاريخ الحديث [27 صفحة].
رغم ما كتب حول سيرة هذا الشيخ، فإن جوانب كثيرة منها ما زالت تطرح العديد من الاسئلة، تستحق البحث والتفصيل، تأتي في مقدمتها جهوده في بناء الشخصية المغربية وتشكيل ملامحها الأساسية، فقد قضى كل حياته في نشر الوعي الصحيح بين قبائل الصحراء والتوحيد بينها.
4- “الشخصية الدبلوماسية في العصر الحديث، محمد بن عثمان المكناسي نموذجا” مليكة الزاهدي Malika Ezzahidi ، أستاذة باحثة، جامعة الحسن الثاني، التاريخ الحديث [51 صفحة].
تتبعنا في هذا العمل شخصية مغربية مخزنية ارتبط اسمها ارتباطا وثيقا بالسياسة الخارجية المغربية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، إنه الكاتب والسفير والوزير محمد بن عثمان المكناسي، الذي استطاع بفضل خدمته لسنوات طويلة في مجال العلاقات المغربية الأوروبية أن يضع أسسا غير مسبوقة، ساهمت في بناء الشخصية الدبلوماسية المغربية التي لم تحض قط بنفس شروط التكوين ولا الإعداد الذي توفر لنظيرتها في أوربا. فهل شكل استثناءً في زمانه؟
5- “البعد البحري في الشخصية المغربية: عبد الله بن عائشة نموذجا” عبد الإله الدحاني، أستاذ باحث، جامعة محمد الخامس بالرباط، التاريخ الحديث [45 صفحة].
لقد جاء الأندلسيون وهم يحملون مرارة الطرد من ديارهم، ولكن أيضا جاؤوا وهم يحملون مهارات وتقنيات في عدة مجالات، شكل البحر أحدها بامتياز.
ويمثل عبد الله بن عائشة المنحدر من إحدى هذه العائلات المهاجرة نموذجا لما يمكن أن يقدمه رجل البحر للدولة، إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
6- “محمد بن الحسن الحجوي وتحديث الشخصية المغربية” آسية بنعدادة، أستاذة باحثة، جامعة محمد الخامس، التاريخ المعاصر [39 صفحة].
يعتبر الحجوي من النخبة العالمة والمخزنية المتشبعة بالحداثة، والمتعطشة إلى التغيير وإلى إقلاع المغرب ونهوضه عن طريق انفتاحه على العالم الخارجي، مع تشبثه بمقومات الشخصية المغربية الإسلامية، وقد ركز على ثلاث قضايا اعتبرها أساسية لتحصين الذات وتكوين شخصية حداثية: التعليم، والاقتصاد، والمرأة. آمن الحجوي بالشخصية المغربية والمتجددة حسب تطورات العصر، ولكنه واجه معاكسة الجميع.
7- “الشخصية المغربية بالمؤنث: نموذج الست الحرة وخناثة بنت بكار” آسية بنعدادة [37 صفحة].
اهتمت الدراسات ومنذ زمن بعيد بالدولة وبالسلطة في المغرب وتناولتها دائما من زاوية الفاعل السياسي مع تهميش الأدوار التي لعبتها المرأة في تشييد الدولة المغربية، من خلال نموذج الست الحرة التي تمثل البعد الأندلسي، وخناثة بنت بكار التي تمثل البعد الصحراوي، تظهر الأدوار التي لعبتها المرأة المغربية عبر التاريخ.
8- “البعد اليهودي في الشخصية المغربية: موسى بن ميمون” محمد الشيخ، أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء [37 صفحة].
يقول ابن ميمون في كتاب “الفصول الثمانية”: ((وجعلوا [الجهال] يعذبون أجسامهم بكل وجه من العذاب، وظنوا أنهم أتوا فضيلة وفعلوا خيرا، وأن بذلك يقرب من الله، كان الله عدو الجسم، يريد هلاكه وتلافه، وهم لا يعرفون أن تلك الأفعال شرور، وأن بها تحصل رذيلة من رذائل النفس (…) وهذه الشريعة الكاملة المكملة لنا، لم تأت بشيء من هذا، وإنما قصدت أن يكون الإنسان طبيعيا، سالكا في الطريق الوسط، يأكل ما له أن يأكل باعتدال، وينكح ما له أن ينكح باعتدال، ويملأ البلاد بالعدل والإنصاف، لا أن يسكن الكهوف والجبال، ولا أن يلبس الشعر والصوف، ولا أن يشقي الجسم ويعذبه…))
9- “محمد الصفار: فقيه في مواجهة الحداثة” خالد بن الصغير Khalid Ben Srhir ، أستاذ التعليم العالي، جامعة محمد الخامس، التاريخ المعاصر [51 صفحة].
تكونت شخصية محمد الصفار من روافد محلية أساسها الفقه والعلوم الشرعية، وأخرى خارجية استمدها من رحلته العابرة والقصيرة الأمد في منتصف القرن التاسع عشر إلى فرنسا، حيث مكنته من الانفتاح على أشياء جديدة لا قبل له بها في بلاده الأصلية غير أن دخول الصفار في خدمة المخزن، وخضوعه للقيود التي ترتبت عن ذلك، جعل شخصيته تذوب في هذا الوسط بل عادت به إلى نهج المحافظة الذي سيطر على عصره وتحكم في مصير رجاله.
10- “الشيخ أحمد التيجاني والبعد الصوفي” الجيلالي العدناني Jillali Eladnani ، أستاذ باحث، جامعة محمد الخامس، التاريخ الديني والاجتماعي بالمغارب وإفريقيا وجنوب الصحراء [29 صفحة].
تعتبر الطريقة التيجانية من الطرق الصوفية المعتدلة التي تزاوج بين التصوف السني وبين البساطة في الطرح والاقتراح خاصة بالنسبة للفئات الإسلامية الحديثة العهد بالدين الإسلامي وأيضا من غير الشعوب العربية.
11- “البعد الأمازيغي في الثقافة المغربية: محمد بن المختار السوسي” الجيلالي العدناني [31 صفحة].
تعتبر دراسة أعمال وكتابات المختار السوسي انطلاقا من نهاية القرن التاسع عشر وإلى ما بعد وفاته سنة 1963 محاولة لتناول الشخصية المغربية من خلال مسارها الشخصي وتفاعلاتها مع محيطها الاجتماعي والسياسي والثقافي والمحلي والدولي.
12- “مصطفى الأزموري: مكتشف ولايات أريزونا، نيوميكسيكو، فلوريدا، وتكساس” شعيب حليفي، كاتب وروائي، أستاذ بجامعة الحسن الثاني، مدير مختبر المرئيات للبحث العلمي والأكاديمي [39 صفحة].
كتب مصطفى الأزموري فعلا في تاريخ الاكتشافات الإنسانية يستكمل ما سطرته الرحلات والمغامرات الأوروبية نحو أمريكا، ومن تجليات الاعتراف بهذا المستكشف المغربي، تلك الاحتفالات به في المكسيك الجديدة والغرب الأمريكي، كما يقام له سنويا، مهرجان احتفالي في بنساكولا بولاية فلوريدا، باعتباره أول إفريقي اكتشف أمريكا الشمالية، نيوميكسيكو، وأريزونا.
13- “يوبا الثاني والبعد الأمازيغي: العلامة المنفتح على الثقافة المتوسطية” أسمهري المحفوظ EL Mahfoud Asmhri ، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، التاريخ القديم [37 صفحة].
يعتبر يوبا الثاني، ملك المغرب القديم، من الملوك الأمازيغ الذين بصموا تاريخ العالم المتوسطي، إن على المستوى السياسي أو العلمي، لدرجة لقب بالملك العلامة، واشتهر عالما أكثر منه ملكا.
تظافرت عوامل متعددة جعلت من يوبا الثاني الشخصية التي جسدت ببراعة نادرة البعد الأمازيغي والمتوسطي، وأهمها: مرارة الأسر والتهجير منذ الصغر، وإتقانه للغات متوسطية عالمية، وأيضا علاقات المصاهرة التي ربطته بالبلاطات الملكية المصرية والإغريقية…

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق