ثقافية

حال مدينتي

بقلم : هشام الشكدالي

لم يعد يغريني رثاء حال مدينتي،لاشيء يهيج الفكر لمدحها،بقع كبيرة وصغيرة تنخر شوارعها،أصبحت كوجه شابة جميلة انتشر به حب الشباب قبل أول حيض.
أغيض وأستنفر وألعن كل الحفر التي تؤرقني خلال ركحي مشيا أو خلال سياقتي لسيارتي،أصبحت كجسد مكتنز فقد طياته واعوجاج أحرفه التي تثير الشهوة.
بالامس حين كنت صغيرا كانت تبدوا لي مدينة كبيرة بين أطرافها مسافات كبيرة فارغة ،اكتضت اليوم ازبالا أظن،أضواء خافثة صفراء تؤرق العين قبل القلب،غبار وحصى وكأننا في إحدى مقالع الحجر.
لم تعد تغويني حين أطل على خصرها الاطلسي،أشواك وازبال ورائحة كريهة كإبط فتاة جميلة متعرق ينبهك أثر ماء العرق تحت إبطيها فتثير في نفسك الاشمئزاز من جمالها السطحي.
للجمال أحرف بارزة وإن اكتسح على وجه الجميلة تجاعيد،للبحر عيون،للواد التواء،للتاريخ أسياد وأرواح،للغابة نسائم وإن اختلط النسيم بالبول والغائط وقطع الاشجار ونبد الروح من أزهارها التي تفتحت يوما بربيعها.
لم يعد يغويني حلزون هيكلتها فاضحت ثابثة في ركن متكئة على ماضيها و حاضرها مشؤوم ملعون.
لم يعد يغويني السكوت فالمدينة طيبة الاصل عريقة وراسخة في كتب الطبري وابن خلدون والقدامى من بلين الصغير وغيرهم.
لم يعد يغويني السكوت أصلا….

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق