بدونمحلية

لايف شاحنة النظافة

بقلم : عبد السلام التدلاوي

من شدة ما أصبح مشكل خدمات النظافة بالعرائش مؤرقا لساكنة المدينة و لساكنة الفايسبوك على حد سواء، نقل بعض الأصدقاء نفلا مباشرا لعملية جمع النفايات في مدينة شفشاون بواسطة شاحنة تابعة للشركة المفوض لها جمع النفايات. كان الأصدقاء ينقلون البث و هم منتشون بانعدام الرائحة الكريهة التي اعتادوا عليها و شاحنة شركة هينكول تمر أمام مقاهي المدينة من دون سابق إنذار أو مهلة يستعد فيها الزبناء لحبس أنفاسهم، و هو طقس اعتاد عليه العرائشيون و زوار العرائش منذ عقد من الزمن أو أكثر. هؤلاء الشباب أسسوا لنوع سياسة جديد في ظل توالد أنواع السياحة مؤخرا بسبب أو بدون سبب، أسسوا لسياحة النظافة، او سياحة زيارة الأماكن التي تخلو من الروائح الكريهة، و سيكون نوع السياحة الجديد هذا خاصا بالعرائشيين.
بالموازاة مع وقائع اللايف، أرسل لي صديق صورا لمنزل في المدينة العتيقة أعده صاحبه كرياض سياحي، و هي ظاهرة منعدمة في المدينة العتيقة بالعرائش، حيث المدن العتيقة المجاورة تضم العشرات من دور الضيافة و الرياضات، مما يثير التساؤل ما السبب في انعدام هذه المنشأت الإيوائية في العرائش التي تشكل استثناء، لكن سرعان ما أفصح صديقي عن أكبر مشكل يعاني منه صاحب الرياض و زبناؤه هو مشكل نظافة المدينة.
عدت أتابع لايف شاحنة النظافة الشفشاونية، فتبادر إلى ذهني فيديو أخرجه السنة الماضية مهاجرون عرائشيون بالمهجر يتدمرون معلى حال مدينتهم و فيه يشتكون بشكل ملفت من مشكل النظافة، فتساءلا كيف لمدينة تجد صعوبة في استقطاب أبنائها لقضاء العطلة أن تسعى لاستقطاب أجانب؟ فقلت كان الله في عون صاحب الرياض الذي أنفق مبلغا باهضا لتجهيزه. مشكل النظافة في العرائش أصبح بلا شك مصدرا لصورة سلبية انتشرت في ربوع المغرب، و كذلك يمكن تحسسه من خلال تعليقات سياح أجانب على مواقع إلكترونية سياحية، بالرغم من استفادة المدينة من مناسبات إشهارية غير مؤسساتية مهمة، تتمثل في حضورها في أعمال سينمائية لقت انتشارا واسعا ، و مسلسلا تلفزيونيا لقي نسبة مشاهدة كبيرة، و كذلك من خلال تنظيمها لتظاهرة دولية لرياضة الترياتلون منذ 14 عاما أصبحت تذاع على قنوات تلفزية وطنية و دولية.
هناك من يربط مشكل النظافة في المدينة بالشركة المفوض لها و بعدم احترامها لدفتر التحملات و تواطئ المسؤولين المنتخبين و سلطة المراقبة. إلا أن المشكل ابتدء قبل تفويض القطاع للشركة، عندما كانت تسهر عليه الجماعة بشكل مباشر، كان العمال يقومون بإضرابات تمتد لأيام تصبح على إثرها المدينة عبارة عن مزبلة ممتدة الأطراف. هؤلاء العمال لم يكونو يضربون إلا مطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية و العيش الكريم، فبدل أن تعمل الجماعة على تحسين أوضاعهم كمواطنين كاملي الأهليى، دبرت الأمر بمنطق محاسباتي صرف، و فوضت القطاع لشركة أجنبية، كما هو الحال في سائر المدن المغربية، فأصبح القطاع يخضع لمنطق الربح و تقليص النفقات بطرق متحايلة ترتفع و تنخفض حسب درجة تغول الفساد في كل مدينة. فشل تجربة التدبير المفوض أكده بصريح العبارة تقرير المجلس الاجتماعي و الاقتصادي، لكن ( لمن تحكي زابورك يا داوود)، التدبير المفوض ماض و يتمدد لما تدره صفقاته من عمولات سهلة من دون (حريق الراس) لمدبري الشأن المحلي.
إن الحل لمشكل النظافة وعبره رفع جاذبية المدينة لن يتأتى إلا بالعودة إلى التدبير المباشر و القطع مع التدبير المفوض الذي ينهك ميزانيات الجماعات، و بتوفير أحسن الظروف للعاملين في قطاع النظافة، لأن لا استثمار دون الاستثمار في الإنسان اولا و أخيرا، وأن أن أي مقاربة ميزانياتية فإنها لا تختلف عن مقاربة الدولة في التعاطي مع ملفات مصيرية كالتعليم على سبيل المثال.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق